Friday 25 February 2011

ثورة 25 يناير .......رؤية اقتصادية (4)







ثورة 25 يناير .......رؤية اقتصادية (4)
"الثورة هي استثمار في المستقبل "

بقلم ........... اقتصـــــادي حـــــر


قبل البدء فى المقالة الجديدة، اشكر كل من قام بالتعليق و الرد سواء كان بالاختلاف او بالاتفاق، و هذا ما كنا نصبوا إليه من خلال ثورتنا، وهو تعدد الرؤى و اختلاف الآراء لقد سائمنا من الرأي الأوحد و التفكير الأوحد و التنفيذ الأوحد، لقد حان الوقت لكي يقول كل فرد منا رايه بصراحة و موضوعية. نحن جميعا لسنا مع الانتقاد من اجل الانتقاد و لا يجب أن نكون أيضا ممن يدفنون رأسهم فى التراب، فالاقتصاد بطبيعته تراكمي يبدأ من حيث ما انتهى عند اخر نقطة فكان لابد أن نوضح عند اى نقطة انتهينا و كيف سرنا إلى تلك النقطة ، و ما هي الأخطاء و الكوارث بل و الجرائم التى ارتكبت فى حق اقتصادنا الوطني . أخيرا نحن لا نتحدث عن أشخاص سواء ممن افسدوا فى المرحلة السابقة او ممن نأمل منهم الإصلاح فى المرحلة القادمة، نحن نتحدث عن سياسات أساسيه تهدف الى حياه كريمة للمصريين.

لقد انتهينا فى المقال السابق بكيف خرجت ثورة 25 يناير تحمل شعارها الأول " حرية ..... تغير.... عدالة اجتماعية "، موضحنا الأسباب الاقتصادية التي دفعت بخروج الملايين إلى الشوارع لكى تتطلب بتغير حقيقي و إصلاح ملموس لتنقلب هذه المطالب إلى تغير كامل للنظام و يصبح شعار الثورة " الشعب يريد إسقاط النظام ". و الذي له الفضل الرئيسي لهذا التحول هو النظام نفسه، فرد فعله البطيء و الاستخدام المفرط للقوة و قتل الثوار العزل، جعل الشعب يثور أكثر فأكثر و يتمسك بالشعار الى أن تحقق بالفعل و سقط راس النظام يوم الجمعة 11فبراير 2011 الساعة السادسة مساءا.
في هذا المقال سوف نوضح أثار الثورة على الاقتصاد المصري منذ بداية الثورة و حتى يومنا هذا، و قبل استعراض هذه الآثار علينا ان نوضح نقطتين فى غاية الأهمية هما:
·        الفرق بين التكلفة الاقتصادية و الخسائر الاقتصادية، فما أشاع بين الجميع و على صفحات الجرائد كل يوم هى الخسائر الاقتصادية التى يتعرض لها الاقتصاد المصري بسبب الثورة، و هو ما يعد خلط كبير بين مفهوم التكلفة و الخسارة؛ فالتكلفة  Cost هي هو كل ما ينفق بهدف الحصول على منفعة حالية او مستقبلية ، اى هى تضحية اقتصادية لازمة لمباشرة النشاط لا يمكن تجنبها و لا يمكن الاستغناء عنها ( إنفاق بمقابل ). أما الخسارةloss  هي النفقة التى لا يقابلها منفعة سواء حالية او مستقبلية ،اى ان هذه الأموال تضيع هباءا و تخرج بعيدا عن العملية الإنتاجية ( إنفاق بلا مقابل ) .
وبهذا يتضح الفرق الشاسع بين المفهومين و بالتالي فما حدث فى مصر هو التكلفة الاقتصادية للنهضة، لأن أى تكلفة اقتصادية هى تكلفة محتملة مقارنة بما سيحققه البلد من منافع سياسية واقتصادية فى المستقبل، بل ونقلة نوعية فى حياة المصريين، لا يمكن أبدا ان نقول ان ما حدث هو انهيار الاقتصاد أو خسائر موجعة، إنما تكون الخسائر على مستوى القطاعات الجزئية اما بالنسبة للاقتصاد بشكل عام فهى تكلفة لاهم عنصر من عناصر الإنتاج و هو الحرية، و سوف نفصل هذا بشي من التفصيل لاحقا.

·        النقطة الثانية التى يجب أن نأخذها عن تحليل اى حاله اقتصادية هى الحالة السياسية، فعجله الاقتصاد ترتبط بعجله السياسة و العكس صحيح، فأحيانا تقود قاطرة الاقتصاد السياسة و احيانا تقود قاطرة السياسة الاقتصاد، و بناءا علية إذ انتشر الفساد السياسي كما كان حدث فنحن بالضرورة نتحدث عن فساد اقتصاد متوغل ، و اذ انتقلت الحياة السياسية الى الديمقراطية و الراى و الراى الاخر ، رأينا بالضرورة حياه اقتصادية صحية سليمة . بالتالي فلا يمكن الحديث عن إصلاح اقتصادي بدون إصلاح سياسي حقيقي و جوهري و هذا ما قامت به الثورة .

 بعد هذا التوضيح يمكنا تحليل أحداث الثورة ببعد اقتصادي من خلال استخدام مدخل المنافع و التكاليف (Cost-benefit analysis ) و لنبدأ بتوضيح اهم التكاليف الاقتصادية التى تحملها الاقتصاد؛ إن هناك نوعين من التكلفة هما:
 النوع الأول : تكاليف يمكن استراجعها بشكل مباشر :
يمكن استراجع هذه التكلفة بشكل مباشر والممثلة فى أسعار الأصول الحقيقية والمبانى والعقارات إلى جانب الأصول المالية والأسهم والسندات والتى ستعود إلى طبيعتها بمجرد أن تستقيم الأمور فى القريب العاجل. ولهذا فان ما يقيل أن خسائر البورصة وصلت الي 69 مليار جنيه فى يومين فقط ثم اقفال البورصة بعدها، فهذا  الرقم يمثل حجم انخفاض رأس المال السوقي للأسهم المتداولة في البورصة، فالأسهم موجودة ولكن سعرها انخفض، وحتي انخفاض أسعار الأسهم لم يتجاوز انخفاضات سابقة تأثرا بالأزمة المالية العالمية التي طالبت الحكومة شعبها بدفع ثمنها، الأمر الآخر هو أن ما فقدته الأسهم سريعا ما سوف تعوضه مع عودة البورصة للتداول و عوده عمليات الشراء مره اخرى.

النوع الثاني: تكاليف يمكن تعويضها بشكل غير مباشر
هي تكاليف لا يمكن تعويضها بشكل مباشر والخاصة بفترة الاحتجاجات و كيف تعامل النظام السابق معها والتى تسببت فى توقف النشاط الاقتصادي بدرجة كبيرة، و أهم هذه التكاليف كانت فى القطاعات التالية:
أولا: قطاع الاتصالات:
 لقد قاوم النظام السابق الثورة بكل مجنون و كان من اهم مظاهر هذا الجنون هو إيقاف خدمات الانترنت لـ 5 أيام متتالية مما تسبب فى فقدان ما يزيد على 90 مليون دولار فضلا عن توقف أعمال جميع القطاعات المتعلقة بالاستثمارات الأجنبية و على رأسها قطاع السياحة و الملاحة و الطيران .
ثانيا: قطــاع السياحة:
نتيجة لتصاعد أحداث العنف من قبل النظام تجاه الثوار فى كافه المحافظات و استجابة لنداءات معظم الدول لرعاياها بمغادرة مصر أثناء هذه الأحداث فى الأسبوع الأخير من شهر يناير وإلغاء حجوزات السائحين خلال شهر فبراير . و قد قدر عدد السائحين الذين غادروا مصر فى الأسبوع الأخير من شهر يناير 210 الف سائح مما أدى إلـى إنخفـاض الإنفــاق السياحــى بحوالــى 178 مليــون دولار خــلال هــذا الأسبـــوع . كما أًلغيت حجـوزات شهـر فبرايـر لتصل التكلفه الاقتصادية الى 825 مليـــون دولار خلال هذا الشهر. و بالطبع كان لهذا انعكاس علــى العمالــة فى قطاع السياحة نتيجة إستغناء المنشآت السياحية عن العمال المؤقتين بها وخفض أجور العاملين الدائمين نظراً لإنعدام الإشغال بها، وقدر الإنخفاض فــى أجــور هــذه العمالة بما قيمته 70 مليون جنيه خلال هذه الفترة. و كان لهذا الاثر على القطاع السياحى اثر على قطاع الطيران المدنى .
ثالثا: قطاع الصناعات التحويلية والاستخراجية:
بلغ إجمالى الخسائر المحققة فى هذا القطاع بالمناطق الأكثر تأثراً وهى  القاهرة الكبرى و مدن القناة و الإسكندريه والعاشر من رمضان) خلال الفترة من 28/1 إلى 5/2/2011 ما قيمته 3736.6 مليون جنيه و بلغت الطاقة العاطلة فى هذه المناطق حوالى 60% من إجمالى الطاقة الإنتاجيـــة المتاحـــة خلال تلك الفترة. كما حققت صناعـة المنتجــات الغذائيــة نسبـة خسائــر سواء فى الإنتاج بسعــر البيع بنسبه 20 %  أو فى القيمة المضافة الصافية بنسبه 18.2% من إجمالى الخسائر خلال نفس الفترة.
رابعا : قطـــاع التشييـــد والبنــاء:
بلـــغ إجمالــى الخسائــر المحققـة فـى هــذا  القطــاع 488.1  مليون جنيه بنسبة 1.7% مـن إجمالــى القيمة المضافة الصافية على مستوى الجمهورية .
خامسا : قطاع النقل :
بلغت حصيلة خسائر قطاعات النقل المصرية خلال الاسبوعين الاول للثورة حوالى  إلى 15 مليون جنيه يومياً وبلغت  الخسائر اليومية لمترو الأنفاق تبلغ مليون جنيه  أما خسائر السكك الحديدية المصرية فتبلغ 4 ملايين جنيه يوميا فيما تبلغ خسائر الموانئ المصرية 10 ملايين جنيه يوميا. و لكن مع بدا تخفيف ساعات حظر التجول و سقوط راس النظام السابق انخفضت هذه الارقام بشكل كبير .
سادسا : الاستثمار الأجنبي :
 بالطبع ان لهذه الأحداث اثر على الاستثمار الاجنبى و هروب الأموال الى الخارج، و لكن اى استثمار و اى أموال ؟؟ ، فالاستثمارات التى جاءت بغرض التنمية و اقامه مشروعات كبيرة فى مصر لم تخرج لانها لا تستطيع الهروب بين يوم و ليله ، إنما التى تهرب هى الأموال الساخنة Hot money و هي السيولة الأجنبية التي تدخل إلى أسواق المال المحلية بهدف جني الأرباح السريعة معتمداً على المضاربة على بعض الاسهم و السندات او مستغله من فساد ما ، وتختفي هذه الأموال بمجرد ظهور موجة تصحيح في الأسعار او ظهور اى ازمة سياسية او اقتصادية . و خروج هذه الاموال لا يؤشر بشكل كبير على التنمية لانها لم يكن لها دور غير تحقيق مكاسب نقدية على حساب اى اعتبارات تنموية اخرى .

وإجمالا فقد ذكرت تقارير و أهما تقرير شركة الاستشارات العالمية Economist Intelligence Unit (EIU) في تقريرها الأخير، ان اجمالى التكلفة الاقتصادية للثورة قد تصل الى 17 مليار دولار على اقصى تقدير اى ما يساوى 100 مليار جنيه، بما فى ذلك خسائر سوق الأوراق المالية. و ان نمو الاقتصاد في مصر سينخفض إلي 3.7% من 5.3% في 2011 .

تعليق ختامي :
سوف نتناول فى المقالات القادمه تحليل المنافع الاقتصادية التى ستعود على الاقتصاد، لكى نبرهن بأسلوب علمي منظم و موضوعي ان تلك التكلفة كبيرة كانت أم صغيرة، لا تقارن بحجم الإنجازات التى ستحققها مصر جراء هذه الثورة، ولا أقصد هنا المكاسب السياسية فحسب، بل المكاسب الاقتصادية ايضا. 
وقبل الشروع فى توضيح ماذا بعد ثورة 25 يناير و توضيح كيف أن الثورة هى استثمار للمستقبل، و رادا على ما سبق من تكاليف اقتصاديا، فاسترجاع جزء من اموال الشعب التى سرقت من قبل النظام السابق كفيل بان يسد فاتورة كل الديون و التكاليف للثورة، فحجم الفساد الذى تم التحقيق فيه منذ خلع الرئيس السابق و بدا التحقيقات فى قضايا الفساد تجاوزت 176 مليار جينه اى تقريبا ضعف التكلفة ، يكفى ان حجم الفساد فى مصر  و الذى كان مرصودا من الجهات الرقابية بلغ اجماليه 57 مليار دولار خلال الفترة بين العامى 2000 الى 2008 ،و هذا كان معلنا من قبل تقرير الشفافية الدولي هذا من جانب اما من جانب اخر فالانخفاض فى معدل النمو الافتصادى لا يعتبر انخفاضا حادا و على الاقل فهو مازال ايجابى ، فالجميع يعلم ان فى فترة التحول الديمقراطى فى اوروبا الشرقية انخفضت معدلات النمو الى السالب ، اى اننا لم نبدا من تحت الصفر كما بدا اخرين و اليوم انظر كيف اصبحت بولندا و فلندا و المجر .


وللحديث بقيه ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،





Wednesday 16 February 2011

ثورة 25 يناير .....رؤية اقتصادية (3)



بقلم ...... اقتصـــــــــادي حـــــــر

** جميع الأرقام و الإحصاءات موثقة من تقارير البنك المركزي و تقارير الأمم المتحدة و البنك الدولي

و كما أوضحنا من قبل أن هناك ثلاث مراحل رئيسية عند توضيح الأبعاد الاقتصادية لثورة 25 يناير هى الموقف قبل الثورة و أثناء الثورة حتى انتهاءها و مرحلة ما بعد الثورة . و في المقالة السابقة تحدثنا عن عدد من القضايا الهامة و منها الدعم و الفقر و مشكلة الديون و القدرة التنافسية للاقتصاد ، و اليوم سوف نستكمل المرحلة أولى  و نوضح بعض النقاط الهامة في الاقتصاد المصري

·       النمو الاقتصادي
أكثر الأغاني  تداولا بين وزراء الحكومة السابقة، فالجميع يتحدث على معدل النمو في اجمالى الناتج القومي و وصولة الى أعلى من  6 % و تراجعه الى 5 % فقط اثناء الازمة العالمية و كيف أن الإعصار المالي عصف بالعالم اجمع إلا مصر  .
إذا سلمنا بحقيقة هذه المعدلات فيجب الأخذ فى الاعتبار أربع نقاط أساسية هي:
1-     معدل النمو ليس هو المؤشر الوحيد لقوة الاقتصاد بل هناك عشرات المؤشرات الأخرى و هذه المؤشرات ليست بالكامل تؤكد صلابة الاقتصاد بل تعكس ضعف اقتصادي مزمن ، كالعجز المزمن فى الميزان التجاري و عجز الموازنة العامة و الدين و معدل التضخم ....الخ
2-     إذا كان اجمالى الناتج المحلى الأسمى للاقتصاد المصري بلغ نحو 217 مليار دولار عام 2010 و اعتبار هذا سابقة تاريخية جديدة، لماذا لم تقل لنا الحكومة إن الناتج لوصل فى معظم الدول المشابهة لنا اكبر من ذلك ؟؟؟ فهو 370 مليار $ فى جنوب افريقيا و 250 مليار$  فى ماليزيا و 1000 مليار $  فى كوريا الجنوبية و 750 مليار $ فى تركيا ؟؟؟ و جميع هذه الدول عانت من مشاكل اقتصادية و سياسية و تخضع لنفس الظروف الدولية التى تمر بها مصر !!!!!
لماذا يكون متوسط دخل الفرد فى مصر 2,7 ألف دولار سنويا ، و يكون فى لبنان   7.6  الف دولار سنويا  و في تونس   4 الآلاف  دولار سنويا و البرازيل 8,3 ألف  و فى إسرائيل 26 الف $ و فى كوريا الجنوبية 17 الف $ و فى  تركيا 8,5 الف دولار سنويا .
ماذا نقول لطالب حصل على تقدير مقبول، فى الوقت الذى حصل فيه جميع زملاءه المشابهين له فى الظروف و الإمكانيات جيد جدا ؟؟؟ هذا للأسف هو حال النمو الاقتصاد المصري .

3-     سؤال جديد يطرح نفسه : معدلات النمو هذه هل انعاكس لتنمية اقتصادية حقيقية أدت الى تنمية صناعية و زراعية و تجارية  أم هى نتائج نمو اقتصادي بدون تنمية اعتمادا على الاقتصاد الريعيى ؟؟ هل تعبر معدلات النمو عن نهضة تكنولوجية صناعية أم هى نتائج ارتفاع أسعار البترول و زيادة إيرادات السياحة و قناة السويس ؟؟؟؟؟؟ إن اى دارس لاقتصاد يعرف إن معدل النمو جاء نتيجة نمو اقتصادي و ليس نتيجة تنمية اقتصادية.
4-     إن اى زيادة فى النمو الاقتصادى ليس لها قيمة ما لم تنعكس على المواطن المصرى فالهدف من النمو الاقتصادي هو تحسين وضع الفرد اقتصاديا و اجتماعيا و لكن هذا لم يحدث ، فقالت الحكومة انها مسائلة وقت و سرعان ما سيشعر المواطن بهذا النمو ، إلا ان الحقيقة إن المواطنين ازداد فقرا لترتفع نسبة المواطنين تحت خط الفقر 3 % لتصل الى 23 % فى الوقت الذى تتحدث فيه الحكومة عن إنجازها التاريخى ، حتى الدعم للسلع الرئيسية انخفض فى بعض السلع  او ثبت على الاقل .
إن الكارثة الأكبر لهذا النمو الذى لم يذهب الى المواطن أن الأغنياء ازدادوا غنيا و الفقراء ازدادوا فقرا ، لقد اتسعت الهوة بين طبقات المجتمع و مع هذا الصراع بدات الطبقة الوسطى فى التآكل و مع تزايد الضغوط عليها سقطت بعضها فى الطبقات الدنيا او تخلى بعضهم عن هويته فى محاولة للوصول للأعلى ، اما من تبقى فهو فى صراع قاد فى اخر المطاف الى ثورة 25 يناير.

·       الفســــــــــــــــــــاد
لم يكن احد يتخيل او يتصور أن عهد مبارك الذى بدا بمحاربة الفساد الذى انتشر بعد الانفتاح الاقتصادي الذى قام به السادات و ذلك بمحاكمات واسعة ضد الفساد نذكر منها توفيق عبد الحى  و رشاد عثمان و عصمت السادات  أن ينتهي عهده بهذا القدر من الفساد ، فمنذ اندلاع الثورة لا يمر يوم إلا و نكتشف قضية فساد جديده لمسئول كان احد نجوم هناك النظام الذى فسد و افسد فى الاقتصاد  ، لن نتحدث عن هذه القضايا لانها قيد تحقيقات النائب العام و لكن أليس من العجيب أن الوزارة التى لم يكن لديها غير نغمة واحده هى محدودية الموارد و الانفجار السكاني . نعرف اليوم ان جميع قضايا الفساد بالمليارات و كأن الملايين أصبحت لا تمثل شيء.
إلا أن الأعجب من هذا إن الجميع كان يعلم بالفساد ، فالسيد زكريا عزمي رئيس الديوان الجمهوري قال فى احد جلسات مجلس الشعب " الفساد للركب فى مصر" ، و إن ترتيب  مصر فى مؤشر الفساد  Corruption Perceptions Index  فى عام  2004 اول عام لظهور هذا المؤشر الدولى كان 77 من اصل 140 دولة شملهم المؤشر و فى عام 2008 كانت مصر فى المرتبة 115 من بين 180 دولة شملهم التصنيف ، هل يعقل إن مصر تتذيل العالم فى الشفافية و الوضوح ؟؟؟ لا استطيع أن اذكر من قبل مصر فالعالم كله يتصدرها ، و لكن من يلى مصر فى الترتيب هى ملاوى و النيجر و توجو و ايران و السودان و الفلبين و اوغندا الى أخرها من الدول التى ليس لها اقتصاد حقيقى من الأساس و تعانى من حروب و نزاعات داخلية  .
و بالطبع فان انتشار الفساد ادى بشكل كبير الى إضعاف التنافسية للاقتصاد المصرى ففى التقرير الاخير للتنافسية العالمية ذكر إن 20 % من اسباب ضعف التنافسية للاقتصاد هو الفساد ، و فى مؤشر سهولة اداء الاعمال Ease of Doing Business Index و هو يقيس مدى تأثير القوانين و الإجراءات الحكومية على الأوضاع الاقتصادية ، و رغم  الجهود الكبيرة التى بذلت الا أن مصر لم تتقدم بشكل واضح ففي اخر تقرير عام 2010 ذكر التقرير أن مركز مصر الحالى  106 بين دول العالم !!! و ذكر التقرير بشكل صريح ان السبب فى هذا هو انتشار الفساد . وعلى مستوى الدول العربية جاء ترتيب مصر العاشر من ٢٠ دولة شملها التقرير.و فى نفس الوقت تقدمت الترتيب العالمى دول العربية اخرى مثل قطر الترتيب رقم ٢٢، ودولة الإمارات العربية المتحدة الترتيب رقم ٣٠، وسلطنة عمان الترتيب رقم ٣٩.
إن الفساد بصورته الكلية لا يعنى فقط الاستيلاء على الاموال العامة و او بيع اراضى الدولة او شركات القطاع العام بأسعار بخسة ، ولا يعنى فقط انتشار الرشوة و المحسوبية داخل كل مؤسسات الدولة و لكن الفساد ايضا فى سوء الادارة ، فسوء الادارة و التظيم يمنع استغلال الموارد بشكل كفيء و هو ما يعنى إهدار لها ، كذلك انعدام السياسة الموحدة و غياب مبدأ المحاسبة ادى بالضرورة الى انتشار بؤر الفساد لتكون حولها دوائر اصغر و تصبح هذه مصر مع انتهاء حكم الرئيس  .

·       التعليم
إن التعليم هو لب اى عملية اصلاح اقتصاد و بدون تعليم حقيقى لا يوجد اقتصاد قوى ، بالطبع فى هذا المجال فحدث و لا حرج ، ليس من عدم الموضوعية اذا قيل انه لا يوجد تعليم فى مصر فى اى مرحلة تعليمية .
فلنبدأ بالأمية و نسبتها فقد بدا الرئيس حكمة و مصر حوالى 45 % منها امى لا يستطيع القراءة و لا الكتابة، و بعد ثلاثون عاما من الدراسات و التفحيص و التمحيص و انشاء لجان و أجهزة متخصصة ، بلغ عدد الأميين عام 2008 نحو 17 مليون نسمة اى 30 % من من عدد المصريين فى الفئة العمرية عشر سنوات فأكثر . كيف لنا ان تكون هناك نهضة و حوالى ثلث المجتمع لا يقرا و لا يكتب ؟؟؟؟ كيف نتحدث عن الثورة التكنولوجية ؟؟ كيف نساير العصر ؟؟
و اذا انتقلنا الى التعليم ما قبل الجامعى نجد : غياب العلاقة بين التقدم العلمى والتكنولوجى وبين المحتوى الدراسى للمنهج، وارتكاز التدريس على الحفظ والتلقين، وسوء حالة العديد من المبانى المدرسية، ونقص الإمكانات المادية والفنية المتاحة، ووجود عجز فى أعداد الحجرات المدرسية، وارتفاع كثافة الفصول، وتعدد الفترات الدراسية، ووجود عجز فى أعداد مدرسى بعض المواد، وارتفاع نسبة الجهاز الإدارى مقارنة بالعاملين بالتدريس.
أما الكارثة الكبرى فى  التعليم الجامعى والبحث العلمى، فتخلف النظام التعليمى الجامعى، وعدم قدرته على الأخذ بمستحدثات العلم والمعرفة، ومعاناة الجامعات من مشكلة الأعداد الكبيرة من الطلاب، وعدم كفاية أعضاء هيئة التدريس ومعاونيهم بالمقارنة بعدد الطلاب المقيدين بالجامعات. و بالطبع لا يوجد فى مصر شىء اسمه البحث العلمى نظرا لعدم وجود خطة استراتيجية قومية للبحث العلمى تعتمد على هدف واضح يراد تحقيقه.
إذا لما العجب فى إن يكون ترتيب مصر فى مؤشر التعليم Education Index لعام 2008 رقم 134 من بين 179 دولة، فى حين إن كوريا الجنوبية رقم 8 و إسرائيل رقم 34 و الكويت رقم 85 و الجميع يعرف كيف كانت هذه الدول و كيف كانوا ينظرون إلينا من أسفل. العجيب و الغريب و المشين أيضا أن ترتيب مصر فى الربع الاخير من بين دول العالم على مدار ست سنوات متتالية . وكائن هذه المؤشرات تتحدث عن دولة اخرى فالسياسة التعليمية لم تغير و الامر من السوء للاسواء. فمصر صاحبة سبعة الألف عام من الحضارة و تعليم البشرية لم تأتى اى جامعة مصرية من بين افضل 500 جامعة عالمية وفق اى تصنيف او اى مؤسسة. و بالطبع كان لهذا المستوى التعليمي المتردي بالغ الأثر على النشاط الاقتصادى المتردي ايضا .

·       حقائق أخـــــــــــــــــرى

بالطبع انه من الصعب بل من المستحيل أن نستطيع أن نلخص كل مشاكل الاقتصاد المصرى فى مقالة او مقالتين فالواقع مؤلم و الحقائق كثير و الإحصاءات و الأرقام لا تتنتهى، منها من هو مؤلم لدرجة اننى استحى ان اذكرها، استحى ان أقول ان عدد السكان المحرومين من الصرف الصحي على مستوى الجمهورية نحو 48 % من اجمالى سكان مصر، إذا ماذا فعل مبارك طيلة ثلاثون عاما كاملة ، ما هى السياسات التى كانت موجودة ؟؟؟؟ أين الرضا على الأداء الحكومي التى كان يرددها السادة الوزراء.كيف كان الجميع يتكلم عن إصلاح اجتماعي و عدد سكان المناطق العشوائية نحو 13 مليون نسمة اى 17 % من سكان بدون مسكن و لا مياه و لا كهرباء و لا عمل.
انا لن أتكلم على اعلى معدلات للتضخم فى العالم اجمع فمصر معدل التضخم لن ينخفض فيها طول ثلاثة عقود عن 10 % بل لتصل الى اكثر من 20 % فى عده سنوات ، كيف كان يعيش المواطن المصرى فى هذا الغلاء الفاحش ؟؟؟ اذا ادعى النظام إن الأجور تضاعفت 100 % خلال العشر سنوات الاخيره ؟؟ فالسؤال الأهم بكم تضاعف الأسعار 400% او 300% ؟ لم يكن يتصور احد إن يصل كيلو الطماطم الى 14 جنية و العدس و الفول اكل الفقراء و البسطاء الى 10 جنية و اكثر ؟؟؟؟؟؟؟؟ كيف يصل كيلو اللحمة الى 100 جنية ؟؟ فى حين ان الخريج كلية الطب ياخد 230 جنية ؟؟؟ بينما المقابل توزع اراضى الدولة بالمجان و يكون سعر المتر فى مدينتي خمسون قرشا !!!!
انا لن اتحدث على معدل البطالة الذى لم ينخفض عن 10 % ، انا لم اتحدث عن العجز فى الميزان التجارى والذى يعتبر المؤشر الحقيقى على القدرات الإنتاجية الحقيقية للدولة ومدى قدرتها الذاتية على استيفاء احتياجاتها السلعية، فقد بلغت قيمة هذا العجز نحو ٢٥.٢ مليار دولار عام عام 2009 ، و الذى يتزايد بمعدل 7 % كل عام .
انا لن اتحدث عن توشكى الذي انفق عليها حوالى 7 مليار جنية و قال مبارك عام 1997 انها هرم مصر الرابع و بعد 11 عاما على البدء من المشروع وجدنا أن جملة المساحة المزروعة 13 ألفاً و200 فدان، بما يمثل نسبة 4.5 فقط من المساحات التي تم تخصيصها للمستثمرين، والبالغة حوالي 243 ألف فدان، وتمثل نسبة 4.2% من إجمالي مساحة المشروع والبالغة 540 ألف فدان، من المسؤل اذا ؟؟ هل المشروع ليس له جدوى اقتصادية ؟؟؟ و كيف تقام مشروعات بهذا الحجم بدون دراسة ؟؟؟؟ و ان كان له جدوى فلماذا لم يستثمر ؟؟ لماذا لم يخرج علينا اى مسئول ليقول ماذا حدث ؟؟ واذا كانت جميع هذه الاسئلة بدون اجابات و فالاجابة انه لا مسئول !!!! وكذلك الحال فى مشروع ترعة السلام و شرق العوينات .
انا لن أتحدث اين هى قوانين السوق التى يقال إن مصر انتقلت اليها ؟؟؟ اين هى اليات السوق ؟؟؟ و من الذى قال ان اليات السوق تمنع تدخل الحكومة ؟؟ لقد تأثر القائمون على الاقتصاد المصري بالتجربة الأمريكية مع هذا فما حدث فى مصر لم يحدث فى نظام اقتصادى فى العالم، لقد اصبح النظام فى مصر يتحرك وفق رغبة و أهواء رجال الأعمال الموجودين داخل النظام او المحاطين به بدون محاسبة او مراقبة ، فعندما تنشا احتكارات و ترتفع الاسعار بشكل كبيرة يتحدثون عن حرية الاسواق و ضرورة عدم التدخل ، و فى مرة اخرى تتدخل الحكومة لوقف استراد سلعة معينة بحجة حماية السوق ، إذا هى إجراءات و ليست سياسات تحدث لتحقيق رغبات حفنه قليلة من المنتفعين و الذين كونوا المليارات وراء هذه الاجراءات .
إن النظام الاقتصادي المصري قبل 25 يناير لم يكن رأسمالي و لا نظام اشتراكي و لا نظام مختلط، لا يمكن أن نصف هذا النظام بأي اسم يتعلمه و يدرسه أهل الاقتصاد فى العالم، انما هو نظام فريد unique و إن أفضل اسم له هو " نظام مباركى " تركيبه من الممارسات و الإجراءات جاءت من كل حدف وصوب.


و بعد هذا التحليل لم يكن من الغريب ان تخرج ثورة شعبية خالصة ولدت من رحم الظلم و الاستبداد و القهر و لا يكون من العجيب أن يكون شعارها الأول : عيش ............ حرية ............ عدالة اجتماعية

و للحديث بقية،،،،،،،،

Ideal_alex@yahoo.com
Islam.ideal@gmail.com

Monday 14 February 2011

ثورة 25 يناير .....رؤية اقتصادية (2)


بقلم ...... اقتصادي حر*

*الاقتصادي الحر هو احد الاقتصاديون الجدد و هم مجموعة من الشباب المصري المشارك في ثورة 25 يناير و هم دارسين و باحثين في الاقتصاد و لهم رؤى اقتصادية معاصرة تصب فى مصلحة الوطن و كانوا يتحدثون دوما عن الإصلاح الاقتصادي الشامل ولكن لم يكن يسمعهم احد، ثم بدا الجميع فى إسكاتهم او خفض أصواتهم، إلا أن قامت ثورة التحرير فكان لابد إن يجتمع هؤلاء الشباب لعرض أفكارهم الاقتصادية و تقديم وجهه نظرهم كمساهمة منهم فى الثورة العظيمة.

** جميع الأرقام و الإحصاءات موثقة من تقارير البنك المركزي و تقارير الأمم المتحدة و البنك الدولي

و كما أوضحنا من قبل أن هناك ثلاث مراحل رئيسية  عند توضيح الأبعاد الاقتصادية لثورة 25 يناير هى الموقف قبل الثورة و أثناء الثورة حتى انتهاءها و مرحلة ما بعد الثورة . و سوف نبدأ فى المرحلة أولى .

ما قبل الثورة :
لقد تغنى النظام السابق بقوة الاقتصاد المصري و قدرته التنافسية و دلل على ذلك بتقارير و أرقام و إحصاءات منها المحلى و منها الاقليمى و منها الدولي !!! فهل كان الاقتصاد المصري حقا قويا ؟؟؟؟؟؟؟؟ و هل كانت هذه الأرقام صحيحة ؟؟؟؟؟  . فيما يلى توضيح لاهم المشاكل التى يعانى منها الاقتصاد المصرى قبل اندلاع الثورة:

·       القدرة التنافسية للاقتصاد المصري:
يمكن الحكم على مدى قدرة اقتصاد ما باستخدام مؤشر التنافسية للاقتصاد Global Competitiveness index و هو مؤشر معقد يعتمد على عده حسابات. نجد أن ترتيب مصر 81 من بين 139 دولة عام 2010 متراجعا عن العام الماضي (79 ) و متراجعا عن 2006 و الذى كان فى المرتبة 50 ، مما يدلل على تراجع القدرة التنافسية للاقتصاد المصري مقارنه بنفسه ، و مقارنة بالدول الاخرى المجاورة و لها نفس الظروف و كان الاقتصاد المصري سابق لها بكثير فالاقتصاد السعودي فى المرتبة 21 و الإمارات 25 و قطر 17 و تونس الدولة التى أشعلت فتيل الثورة مركزها 32 .


·       الدعـــــــــم
 إن من اهم القضايا التى أثارت جدل كبير فى الفترة الأخيرة قضية الدعم و حجم الدعم ونوعة و طريقة توزيعة و هل هو نقدي ام عينى و الكثير من هذه الامور الشائكة، و سوف نفرد لها باذن الله سلسلة خاصة بها، ولقد سوف نكتفى فى هذا المقال بتوضيح بعض الخطوط الرئيسية فقط .
بدا الرئيس مبارك عهده فى عام 1981 و كان الدعم المقدم 2 مليار جنية ، ثم أصبح 6 ميار جنية مع بداية حكومة نظيف عام 2002 ، ليصبح حوالى 54 مليار جنية عام 2008 ، و من ذلك الوقت بدا الحديث على ضرورة ترشيد الدعم و تحويلة لدعم نقدى و العبارة الشهيرة "الدعم يصل لمستحقيه " ، و بدا الوزراء فى التحدث على أن الحكومة التى تعمل من اجل الشعب ضاعفت الدعم 424 % و انه انجاز اكبر من السد العالي او شق قناه السويس . لقد استخفت الحكومة بعقول المواطنين بهذه الارقام ، فكيف لحكومة فى خلال هذه الفترة أن تضاعف الدعم بهذا الحجم ؟ و من اين جاءت بهذه الموارد ؟ و إن كان الدعم بهذا الحجم فلماذا هناك فقيرا واحدا فى مصر ؟
للإجابة يجب أولا توضيح أنواع الدعم الحالية و هل هى مختلفة عن ما قبل ام لا ؟ للدعم نوعين النوع الأول و هو القديم و المتعارف علية و هو دعم السلع الأساسية والذي تظهر أرقامه صريحة فى الموازنة العامة للدولة، ويشمل دعم السلع التموينية ورغيف الخبز، ودعم الأدوية الأساسية والتأمين الصحي و دعم الصادرات السلعية وغيرها من اوجه الدعم الثابتة
أما الدعم غير المباشر الذى استحدثته الحكومة المقالة عام 2005 وهو الفرق بين تكلفة الإنتاج وثمن البيع (أو ثمن التصدير) ويشمل جميع المنتجات البترولية (بنزين وكيروسين وسولار ومازوت وغاز طبيعي) والكهرباء ومياه الشرب على اعتبار انها تكلفة الفرصة البديلة، و بالطبع كلما ارتفع ثمن البترول فى السوق العالمي ارتفع مقدار الدعم (الوهمي)، فأصبحت موارد الشعب من الموارد الطبيعية سواء البترول او المياه منحة تقدمها الحكومة لصاحب المورد
و نتيجة لهذه الاضافة قفز الدعم بحوالى 40 مليار جنية مره واحده ليصبح الاجمالى 54 مليار و بذلك يكون مقدار الدعم الحقيقي 14 فقط و بالتالى هذه قفزه وهمية لانه لا يوجد جنية انفق فى الواقع و لم تتغير الموازنة العامة. لو نظرنا الى بنود الدعم نجد الحقيقة أن:
·        انخفض دعم رغيف الخبز من 55 % من اجمالى الدعم الى 15 % فقط ، ويرتفع خلال 5 سنوات فقط من 6 مليار الى 8 مليار اى بزيادة 2 مليار فقط .
·        انخفض دعم السلع التموينية من 2,4 مليار عام 2003 الى 1,4 مليار فقط عام 2007
·        ثبات نسبى فى دعم التامين الصحى للطلاب ما بين 203 مليون الى 207 مليون  بتغير 1 % فقط
·        دعم الأدوية و ألبان الأطفال لا يزيد عن 0,2% من اجمالى الدعم  بمقدار قدرة 130 مليون
و بهذا تتضح سياسة الدعم فى اخر عشر سنوات و انهاء كانت تهدف الى تضليل الراى العام بإضافة حسابات وهمية  غير حقيقة و ادت الى الكثير من الازمات و على راسها " طوابير العيش " و أزمة " الأنبوبة " ، هذا إلى أنها تميزت بخاصيتين رئيسين هما :عدم  الكفاءة الاقتصادية و عدم العدالة الاجتماعية  .

·       مشكلة الديون:
لقد تركت لنا حكومة نظيف عبء مالي ضخم ، لا نعلم من سيتحمله هو بالطبع المواطن المصرى البسيط و لكن لاى جيل سيستمر فى الدفع ، فالعبء ثقيل و كبير و سيدفعة كل الاجيال القادمة بلا شك . لقد بلغ مجموعة صافى رصيد الدين العام الداخلي والخارجي 1080 مليار جنيه بنسبة 89,5%  من الناتج المحلى الإجمالى فى 2010 ، هو رقم لم نسمعه من قبل فى اقتصادنا على الأقل . و سنبدأ بتوضيح كلا من المديونية الخارجية و الداخلية
أولا: المديونية الخارجية:
بلغ رصيد المديونية الخارجية لمصر إلى ٣١.٥ مليار دولار فى ٢٠٠٩ اى ما يعادل ١٧٦ مليار جنيه ،  وبلغ الدين الخارجى الحكومى نحو ٢٥.٥ مليار دولار ما يعادل ١٤٣.١ مليار جنيه بنسبة ٨١٪ من الإجمالى. و رغم ان هذه المعدلات تعد فى الحدود الجيدة إلا ان الجميع يعلم ما الثمن الذى دفع سياسيا لخفيض ديون مصر المستحقة للدول الدائنة أعضاء نادى باريس بنسبه ٥٠٪ من صافى قيمتها وإعادة جدولة الجزء المتبقي من الديون بشروط ميسرة، فضلا عن إلغاء ديون مستحقة لبعض الدول العربية بلغت قيمتها نحو ٦.٢ مليار دولار.

ثانيا: الدين الداخلي ) الكارثة الكبرى)
بلغ صافى رصيد الدين العام الداخلي فى 2010 حوالي 888 مليار جنية بنسبة ٧٣.٧٪ من الناتج المحلى الإجمالي بلغت قيمته ١٠٣٨.٦ مليار جنيه مقوما بأسعار السوق الجارية وهذا الرصيد الضخم لم يحدث على الإطلاق من قبل و لكنة نتيجة سياسات مالية خاطئه متواصلة على مدار عده سنوات .و هذه النسبة تعتبر مرتفعة، وهى من أعلى النسب بين غالبية الدول العربية والأجنبية، فلقد بلغت هذه النسبة فى الأردن ٣٨.٢٪، وموريتانيا ٢٢.٣٪، وسوريا ١٧٪، والجزائر ٦.٧٪، واليمن ٦.٦٪.
وتعتبر نسبة الدين العام بشقيه المحلى والخارجي إلى الناتج المحلى الإجمالى، من أهم المؤشرات الاقتصادية المستخدمة للحكم على مدى سلامة مستوى الدين العام، وهو المعيار المستمد من معاهدة ماستريخت كشرط لدخول الكتلة النقدية للاتحاد الأوروبي، وفقا لذلك المعيار يجب ألا تتجاوز تلك النسبة ٦٠٪ حتى يمكن القول بأن الدين العام يتحرك فى حدود آمنة، وقد بلغت هذه النسبة لدينا فى عام  ٢٠٠٩ حوالى ٩٠.٧٪ .
ولم يتركنا النظام السابق الا و جميع المصريين مديونين فقد بلغ متوسط نصيب الفرد فى الداخل والخارج من إجمالى أعباء الدين العام الحكومي الداخلي والخارجي نحو ٨٧٢.٥ جنيه عام ٢٠٠٨/٢٠٠٩، بينما بلغ متوسط نصيب الفرد فى الداخل من إجمالي عبء خدمة الدين العام الحكومي الداخلي والخارجي ٩١٧.٤ جنيها لنفس العام.

·       الفقـــــــــــــر

ان معدل النمو و الأداء الاقتصادي الكلى فى مصر  كما جاء بتقرير البنك الدولى أن لم يؤد إلى تحسن فى مستوى معيشة الفقراء، فقد ارتفعت نسبة الفقراء المصريين بالنسبة لإجمالى السكان إلى ٢٣.٤٪ عام  ٢٠٠٩ مقابل ٢٠٪ عام ٢٠٠٧.
و مع عدم إحداث تنمية متوازنة أصبح الفقر فى مصر ظاهرة ريفية، حيث يمثل فقراء الريف أكثر من ٧٧٪ من جملة الفقراء فى مصر، كما تؤكد خريطة الفقر فى مصر أن الفقر يتركز بشدة فى محافظات الصعيد حيث يتركز (٧٩٤) قرية من أفقر ألف قرية فى محافظات كل من المنيا وسوهاج وأسيوط.
اما فيما يتعلق بمستوى الفقر او الرفاهة فى المجتمع فيجب استخدام أسلوب علمى دقيق متعارف علية فى كل العالم و ليس الأساليب التى ابداعتها الحكومة السابقة بالتعبير عن رضا المواطن بحجم مبيعات العربيات او مبيعات أجهزة التكييف او عدد خطوط التلفون المحمول المباعة، و الذى يعد نوع من العبث السياسي و الاقتصادي و الاعلامى أيضا.
إن أدق المقاييس المستخدمة لقياس الفقر او الرفاهة هو دليل التنمية البشرية Human Development Index و هو مقياس مقارن لمتوسط العمر المتوقع، ومحو الأمية والتعليم ومستويات المعيشة بالنسبة للبلدان في جميع أنحاء العالم، بل هو وسيلة لقياس مستوى الرفاهة فى المجتمع. وقد جاء ترتيب مصر رقم ١٢٣ من ١٨٢ دولة عام ٢٠٠٩ و هو الأمر المخزي للغاية، كما جاء ترتيبها فى دليل الفقر البشرى رقم ٨٢ ضمن ١٣٥ دولة تضمنها التقرير لنفس العام. الأمر الذى يعكس بالضرورة تدهور الحالة الاجتماعية و الاقتصادية للمواطن المصرى مقارنة بباقى الدول .