بقلم ...... اقتصادي حر*
*الاقتصادي الحر هو احد الاقتصاديون الجدد و هم مجموعة من الشباب المصري المشارك في ثورة 25 يناير و هم دارسين و باحثين في الاقتصاد و لهم رؤى اقتصادية معاصرة تصب فى مصلحة الوطن و كانوا يتحدثون دوما عن الإصلاح الاقتصادي الشامل ولكن لم يكن يسمعهم احد، ثم بدا الجميع فى إسكاتهم او خفض أصواتهم، إلا أن قامت ثورة التحرير فكان لابد إن يجتمع هؤلاء الشباب لعرض أفكارهم الاقتصادية و تقديم وجهه نظرهم كمساهمة منهم فى الثورة العظيمة.
** جميع الأرقام و الإحصاءات موثقة من تقارير البنك المركزي و تقارير الأمم المتحدة و البنك الدولي
و كما أوضحنا من قبل أن هناك ثلاث مراحل رئيسية عند توضيح الأبعاد الاقتصادية لثورة 25 يناير هى الموقف قبل الثورة و أثناء الثورة حتى انتهاءها و مرحلة ما بعد الثورة . و سوف نبدأ فى المرحلة أولى .
ما قبل الثورة :
لقد تغنى النظام السابق بقوة الاقتصاد المصري و قدرته التنافسية و دلل على ذلك بتقارير و أرقام و إحصاءات منها المحلى و منها الاقليمى و منها الدولي !!! فهل كان الاقتصاد المصري حقا قويا ؟؟؟؟؟؟؟؟ و هل كانت هذه الأرقام صحيحة ؟؟؟؟؟ . فيما يلى توضيح لاهم المشاكل التى يعانى منها الاقتصاد المصرى قبل اندلاع الثورة:
· القدرة التنافسية للاقتصاد المصري:
يمكن الحكم على مدى قدرة اقتصاد ما باستخدام مؤشر التنافسية للاقتصاد Global Competitiveness index و هو مؤشر معقد يعتمد على عده حسابات. نجد أن ترتيب مصر 81 من بين 139 دولة عام 2010 متراجعا عن العام الماضي (79 ) و متراجعا عن 2006 و الذى كان فى المرتبة 50 ، مما يدلل على تراجع القدرة التنافسية للاقتصاد المصري مقارنه بنفسه ، و مقارنة بالدول الاخرى المجاورة و لها نفس الظروف و كان الاقتصاد المصري سابق لها بكثير فالاقتصاد السعودي فى المرتبة 21 و الإمارات 25 و قطر 17 و تونس الدولة التى أشعلت فتيل الثورة مركزها 32 .
· الدعـــــــــم
إن من اهم القضايا التى أثارت جدل كبير فى الفترة الأخيرة قضية الدعم و حجم الدعم ونوعة و طريقة توزيعة و هل هو نقدي ام عينى و الكثير من هذه الامور الشائكة، و سوف نفرد لها باذن الله سلسلة خاصة بها، ولقد سوف نكتفى فى هذا المقال بتوضيح بعض الخطوط الرئيسية فقط .
بدا الرئيس مبارك عهده فى عام 1981 و كان الدعم المقدم 2 مليار جنية ، ثم أصبح 6 ميار جنية مع بداية حكومة نظيف عام 2002 ، ليصبح حوالى 54 مليار جنية عام 2008 ، و من ذلك الوقت بدا الحديث على ضرورة ترشيد الدعم و تحويلة لدعم نقدى و العبارة الشهيرة "الدعم يصل لمستحقيه " ، و بدا الوزراء فى التحدث على أن الحكومة التى تعمل من اجل الشعب ضاعفت الدعم 424 % و انه انجاز اكبر من السد العالي او شق قناه السويس . لقد استخفت الحكومة بعقول المواطنين بهذه الارقام ، فكيف لحكومة فى خلال هذه الفترة أن تضاعف الدعم بهذا الحجم ؟ و من اين جاءت بهذه الموارد ؟ و إن كان الدعم بهذا الحجم فلماذا هناك فقيرا واحدا فى مصر ؟
للإجابة يجب أولا توضيح أنواع الدعم الحالية و هل هى مختلفة عن ما قبل ام لا ؟ للدعم نوعين النوع الأول و هو القديم و المتعارف علية و هو دعم السلع الأساسية والذي تظهر أرقامه صريحة فى الموازنة العامة للدولة، ويشمل دعم السلع التموينية ورغيف الخبز، ودعم الأدوية الأساسية والتأمين الصحي و دعم الصادرات السلعية وغيرها من اوجه الدعم الثابتة
أما الدعم غير المباشر الذى استحدثته الحكومة المقالة عام 2005 وهو الفرق بين تكلفة الإنتاج وثمن البيع (أو ثمن التصدير) ويشمل جميع المنتجات البترولية (بنزين وكيروسين وسولار ومازوت وغاز طبيعي) والكهرباء ومياه الشرب على اعتبار انها تكلفة الفرصة البديلة، و بالطبع كلما ارتفع ثمن البترول فى السوق العالمي ارتفع مقدار الدعم (الوهمي)، فأصبحت موارد الشعب من الموارد الطبيعية سواء البترول او المياه منحة تقدمها الحكومة لصاحب المورد
و نتيجة لهذه الاضافة قفز الدعم بحوالى 40 مليار جنية مره واحده ليصبح الاجمالى 54 مليار و بذلك يكون مقدار الدعم الحقيقي 14 فقط و بالتالى هذه قفزه وهمية لانه لا يوجد جنية انفق فى الواقع و لم تتغير الموازنة العامة. لو نظرنا الى بنود الدعم نجد الحقيقة أن:
· انخفض دعم رغيف الخبز من 55 % من اجمالى الدعم الى 15 % فقط ، ويرتفع خلال 5 سنوات فقط من 6 مليار الى 8 مليار اى بزيادة 2 مليار فقط .
· انخفض دعم السلع التموينية من 2,4 مليار عام 2003 الى 1,4 مليار فقط عام 2007
· ثبات نسبى فى دعم التامين الصحى للطلاب ما بين 203 مليون الى 207 مليون بتغير 1 % فقط
· دعم الأدوية و ألبان الأطفال لا يزيد عن 0,2% من اجمالى الدعم بمقدار قدرة 130 مليون
و بهذا تتضح سياسة الدعم فى اخر عشر سنوات و انهاء كانت تهدف الى تضليل الراى العام بإضافة حسابات وهمية غير حقيقة و ادت الى الكثير من الازمات و على راسها " طوابير العيش " و أزمة " الأنبوبة " ، هذا إلى أنها تميزت بخاصيتين رئيسين هما :عدم الكفاءة الاقتصادية و عدم العدالة الاجتماعية .
· مشكلة الديون:
لقد تركت لنا حكومة نظيف عبء مالي ضخم ، لا نعلم من سيتحمله هو بالطبع المواطن المصرى البسيط و لكن لاى جيل سيستمر فى الدفع ، فالعبء ثقيل و كبير و سيدفعة كل الاجيال القادمة بلا شك . لقد بلغ مجموعة صافى رصيد الدين العام الداخلي والخارجي 1080 مليار جنيه بنسبة 89,5% من الناتج المحلى الإجمالى فى 2010 ، هو رقم لم نسمعه من قبل فى اقتصادنا على الأقل . و سنبدأ بتوضيح كلا من المديونية الخارجية و الداخلية
أولا: المديونية الخارجية:
بلغ رصيد المديونية الخارجية لمصر إلى ٣١.٥ مليار دولار فى ٢٠٠٩ اى ما يعادل ١٧٦ مليار جنيه ، وبلغ الدين الخارجى الحكومى نحو ٢٥.٥ مليار دولار ما يعادل ١٤٣.١ مليار جنيه بنسبة ٨١٪ من الإجمالى. و رغم ان هذه المعدلات تعد فى الحدود الجيدة إلا ان الجميع يعلم ما الثمن الذى دفع سياسيا لخفيض ديون مصر المستحقة للدول الدائنة أعضاء نادى باريس بنسبه ٥٠٪ من صافى قيمتها وإعادة جدولة الجزء المتبقي من الديون بشروط ميسرة، فضلا عن إلغاء ديون مستحقة لبعض الدول العربية بلغت قيمتها نحو ٦.٢ مليار دولار.
ثانيا: الدين الداخلي ) الكارثة الكبرى)
بلغ صافى رصيد الدين العام الداخلي فى 2010 حوالي 888 مليار جنية بنسبة ٧٣.٧٪ من الناتج المحلى الإجمالي بلغت قيمته ١٠٣٨.٦ مليار جنيه مقوما بأسعار السوق الجارية وهذا الرصيد الضخم لم يحدث على الإطلاق من قبل و لكنة نتيجة سياسات مالية خاطئه متواصلة على مدار عده سنوات .و هذه النسبة تعتبر مرتفعة، وهى من أعلى النسب بين غالبية الدول العربية والأجنبية، فلقد بلغت هذه النسبة فى الأردن ٣٨.٢٪، وموريتانيا ٢٢.٣٪، وسوريا ١٧٪، والجزائر ٦.٧٪، واليمن ٦.٦٪.
وتعتبر نسبة الدين العام بشقيه المحلى والخارجي إلى الناتج المحلى الإجمالى، من أهم المؤشرات الاقتصادية المستخدمة للحكم على مدى سلامة مستوى الدين العام، وهو المعيار المستمد من معاهدة ماستريخت كشرط لدخول الكتلة النقدية للاتحاد الأوروبي، وفقا لذلك المعيار يجب ألا تتجاوز تلك النسبة ٦٠٪ حتى يمكن القول بأن الدين العام يتحرك فى حدود آمنة، وقد بلغت هذه النسبة لدينا فى عام ٢٠٠٩ حوالى ٩٠.٧٪ .
ولم يتركنا النظام السابق الا و جميع المصريين مديونين فقد بلغ متوسط نصيب الفرد فى الداخل والخارج من إجمالى أعباء الدين العام الحكومي الداخلي والخارجي نحو ٨٧٢.٥ جنيه عام ٢٠٠٨/٢٠٠٩، بينما بلغ متوسط نصيب الفرد فى الداخل من إجمالي عبء خدمة الدين العام الحكومي الداخلي والخارجي ٩١٧.٤ جنيها لنفس العام.
· الفقـــــــــــــر
ان معدل النمو و الأداء الاقتصادي الكلى فى مصر كما جاء بتقرير البنك الدولى أن لم يؤد إلى تحسن فى مستوى معيشة الفقراء، فقد ارتفعت نسبة الفقراء المصريين بالنسبة لإجمالى السكان إلى ٢٣.٤٪ عام ٢٠٠٩ مقابل ٢٠٪ عام ٢٠٠٧.
و مع عدم إحداث تنمية متوازنة أصبح الفقر فى مصر ظاهرة ريفية، حيث يمثل فقراء الريف أكثر من ٧٧٪ من جملة الفقراء فى مصر، كما تؤكد خريطة الفقر فى مصر أن الفقر يتركز بشدة فى محافظات الصعيد حيث يتركز (٧٩٤) قرية من أفقر ألف قرية فى محافظات كل من المنيا وسوهاج وأسيوط.
اما فيما يتعلق بمستوى الفقر او الرفاهة فى المجتمع فيجب استخدام أسلوب علمى دقيق متعارف علية فى كل العالم و ليس الأساليب التى ابداعتها الحكومة السابقة بالتعبير عن رضا المواطن بحجم مبيعات العربيات او مبيعات أجهزة التكييف او عدد خطوط التلفون المحمول المباعة، و الذى يعد نوع من العبث السياسي و الاقتصادي و الاعلامى أيضا.
إن أدق المقاييس المستخدمة لقياس الفقر او الرفاهة هو دليل التنمية البشرية Human Development Index و هو مقياس مقارن لمتوسط العمر المتوقع، ومحو الأمية والتعليم ومستويات المعيشة بالنسبة للبلدان في جميع أنحاء العالم، بل هو وسيلة لقياس مستوى الرفاهة فى المجتمع. وقد جاء ترتيب مصر رقم ١٢٣ من ١٨٢ دولة عام ٢٠٠٩ و هو الأمر المخزي للغاية، كما جاء ترتيبها فى دليل الفقر البشرى رقم ٨٢ ضمن ١٣٥ دولة تضمنها التقرير لنفس العام. الأمر الذى يعكس بالضرورة تدهور الحالة الاجتماعية و الاقتصادية للمواطن المصرى مقارنة بباقى الدول .
No comments:
Post a Comment